مجلة الاصايل :
استضافت الجمهورية العربية السورية مؤتمر الواهو للخيول العربية والذي كان مقرراً عقده في أيلول الماضي, ولكن الأحداث التي طغت على المنطقة حالت دون عقده آنذاك. وبالرغم من أن سوريا تستضيف هذا المؤتمر للمرة الأولى فأننا نستطيع القول بأن التنظيم كان على درجة عالية أدهش جميع الوفود التي حضرت المؤتمر, ولكن حسن التنظيم فقد رونقه نسبة إلى حسن الضيافة والكرم السوري. هذا الكرم الذي طغى على التنظيم على فعاليات المؤتمر, حيث بادر السوريون على التسابق باستضافة وفود الدول المشاركة قبل أن يفتتح المؤتمر فعالياته الرسمية حتى بعد انتهاء المؤتمر بعد أيام.
كما كانت للعروض الفولكلورية التي جرت خلال جميع أمسيات أيام المؤتمر في المواقع الأثرية التي كانت الوفود تتناول فيها العشاء من ابرز ما شاهدوا كما عملت الجمعية السورية لتربية الخيول العربية على إبراز مدى اهتمام السوريين بتربية الخيول العربية من خلال مسيرة فريدة بروعتها لخمسمائة فارس امتطوا جيادهم و قدموا من جميع أنحاء المحافظات السورية من أجل إلقاء التحية والترحيب برئيس المنظمة السيد هانس ناجل والوفود المشاركة في هذا المؤتمر, وقد أثبت هؤلاء الفرسان مدى تعلق المواطن السوري بالجواد العربي اهتمامه بأصالة هذا الجواد حيث تتقدم الفرسان عدد كبير من المربين وشيوخ القبائل العربية التي لعبة دورا كبيرا في تربية الخيول العربية الأصيلة الذين قدموا من البادية الشامية والجزيرة السورية على صهوات جيادهم ليقولوا لأعضاء الوفود الذين مثلوا جميع القارات أن خيولكم العربية التي تفتخر بها في دولكم أصلها وأرسانها تعود إلى هذه الأرض ومن هذه الخيول التي تشاهدونها أمامكم وقد تسابق عدد كبير من مربي الخيول العربية في سوريا لاستضافة وتكريم أعضاء الوفود.
وبالرغم من أن الوفود المشاركة كانت تلبي دعوتين يوميا فلم تستطع تلبية جميع الدعوات التي كانت موجهة لها, وقد حضر المؤتمر ممثلي جميع الدول العربية المنتسبة إلى منظمة الواهو وعدد كبير من الدول الأوروبية والأميركية حتى جنوب أفريقيا.ولكن بالرغم من اهتمام الدكتور هانس ناجل الذي يعتبر من كبار مربي الخيول العربية الأصيلة المميزة في رفع مستوى الخيول العربية ورفع مستواها من الناحيتين الجمالية و السبقية مع الاهتمام بنظافة سلالتها وأصالتها, وبكونه رئيسا للمنظمة والذي يعتبر أن الحفاظ على أصالة الخيول العربية رسالة يجب نشرها في جميع الدول المهتمة بالأصالة ونشر تربية الخيول العربية بشكل أوسع بين أبناء هذه الدول, فإننا نستطيع القول أنا ممثلي بعض هذه الدول لا يملكون أية خلفية عن الخيول العربية ولم يقدموا أي تقرير يستحق الاستماع إليه فكانت معظم تقارير هذه الدول خالية أحياناً من المضمون المطلوب والبعض الآخر ينقصه لغة الفروسية والمعرفة بمفهوم المؤتمر, ولا نعرف كيف تستطيع الهيئة التنفيذية أن تستمع لأي مندوب دولة من الدول وهو يتحدث عن أنشطة بلاده واهتمامها بتنظيم مسابقات القفز على الموانع أو سباقات القدرة ولم نسمع من الهيئة التنفيذية أي رد على بعض التقارير التي قدمها بعض مندوبين الذين لم يسعوا لتنظيم أي نشاط في دولهم, للخيول العربية الأصيلة, كما لم نسمع أي اعتراض على مندوب لبنان الذي لم يحضر أي اجتماع لمنظمة الواهو منذ 1998, الذي لم يقدم أي كتاب وأي تقرير عن الخيول العربية اكتفى بالقول بأن الأحداث الأخيرة كانت وراء تراجع الإنتاج علماً بأن الإنتاج كان جيداً نسبة إلى السنوات الماضية.
ولم يسأل أي عضو في الهيئة التنفيذية عن نشاط فعلته الجمعية في لبنان منذ خمس عشرة سنة حتى اليوم, ومن خلال استماعنا لجميع تقارير الدول المشاركة أن معظم المندوبين لم يكونوا صادقين في التقارير التي أدلوا بها أمام الهيئة التنفيذية ورئيس المنظمة باستثناء الأردن والسعودية وسوريا وقطر أما تقرير دولة الإمارات كان أقل مما يحدث من نشاطات ولم يكن متكاملاً بالرغم من أن دولة الإمارات في أهم الدول التي تهتم بالخيول العربية من حيث التربية والإنتاج والسباقات وعروض الجمال وسباقات القدرة التي أصبحت جميعها تعتمد على الخيول العربية, ولم نلحظ في كلمة الإمارات أي شرح عن تطور الفروسية الإماراتية وتزايد الخيول منذ انتساب دولة الإمارات إلى منظمة الواهو, أما بعض تقارير الدول الأوروبية فتحدثت عن أنشطة سباقات الخيول الثوربرد وأعدادها وعن أنشطة القفز على الموانع, وكانت جميع فقرات المؤتمر خالية من المناقشة للأمور الحساسة أو المثيرة في عالم الخيول العربية, وقد ملأ الفراغ بأشرطة مرئية عن تاريخ الخيول العربية فيها العديد من المغالطات المعتمدة على بعض المستشرقين الذين كتبوا عن الخيول العربية بمفهوم أوروبي من خلال زوايا ضيقة ومعرفة متواضعة من دون خلفية مسبقة عن الجواد العربي معتمدة على بعض الخيول القليلة جداً التي شاهدوها في رحلاتهم القصيرة والمحدودة لأن بعض هؤلاء ينزل ضيفاً على أحد مشايخ قبيلة ما فيعتمد على ما يشاهده عند الشيخ دون النظر إلى ما يملكه أبناء القبيلة أو بقية القبائل. ونحن العرب أخذنا نعتمد على تلك الكتابات من دون العودة إلى ما وصفه العرب من أهل المعرفة والفراسة في هذا المجال. وفي ختام المؤتمر لم نسمع أية مقررات ذات أهمية تجعلك أكثر اهتماماً بخيولك ومعرفة بمستقبل هذه الخيول وما هي الحوافز التي ستتخذها منظمة الواهو في المستقبل للحفاظ على أصالة الخيول العربية, وما هي السبل التي ستعتمدها لرفع مستوى الخيول في الدول المعنية. كما لم نسمع من أي مندوب من ممثلي الدول المشاركة طرح جديد في هذا المجال يدل على اهتمام دولته في خيولها, أنما نستطيع القول أن معظم الوفود المشاركة حضرت لتقول أننا حضرنا ونحن موجودون, وسوريا هي سوريا الحضارة والتاريخ وبلد الأصالة بالخيول العربية وبقائلها فكان حضور معظم هؤلاء للسياحة والتمتع بطبيعة سوريا أكثر من حضوره لتمثيل دولته أو لتقديم أي جديد من أجل الحفاظ على أصالة الخيول العربية, وكما يقول المثل اللبناني من رجله في النار ليس كمن رجله في الماء. فهناك مربون وملاك يدفعون الأموال ويتكبدون الخسائر وهناك من ينوب عنهم في التمثيل ولا يهمه ما يعانيه الآخرون
مجلة اصايل – العدد الخامس والسبعون